تلوث الهواء ومخاطر الوفاة المبكرة في افريقيا: شكوك كبيرة.
نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرا لسنة 2014 ينذر بخطر الوفاة المبكرة لنا يقارب 7 مليون شخص قيل الأون في سنة 2012، وواحد من ثمانية على المستوى العالمي وهذا بسبب التعرض للتلوث الهواء هذه الأرقام هي أكثر من ضعف التقديرات السابقة حيث انها تؤكد أن تلوث الهواء أصبح من أهم المخاطر البيئية على الصحة في جميع أنحاء العالم، يمكن إنقاذ الملايين من الأرواح عبر مكافحة تلوث البيئة(1).
ويوضح تقرير المنظمة العلمية أن الدراسات العلمية تبين العلاقة بين تلوث الهواء داخل وخارج المنزل وبين مرض القلب والأوعية الدموية (السكتة الدماغية، مرض القلب والإقفاري)، و قال الدكتور فلافيا نائب مدير العالم لمنظمة الصحة العالمية ولصحة المرأة و الطفل أن الحد من المخاطر المحيطة بالمرأة و الفئات المستضعفة بما في ذلك الأطفال و كبار السن حيث ذكرت كذلك أن " النساء و الأطفال الفقراء يدفعون ثمنا باهظا نتيجة تلوث الهواء في الأماكن المغلقة بحكم قضائهم الكثير من الوقت في المنزل يستنشقون بخار السخام المنبعث من مواقد الحطب أو من سوء تهوية الفحم" كما يكشف التقرير أيضا أن الغالبية العظمى من الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء هي نتيجة لأمراض القلب و الأوعية الدموية كما هو مبين في الشكل رقم 1.
عدد الوفيات (%) بأمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بتلوث الهواء.
ان اهتمام الدراسة بسمية تلوث الهواء بالجسميات العالقة في الهواء والمتمثلة في أقطار أقل من 2.5 ميكرون بمجرد استنشاقها من قبل البشر، يمكن لهذه الجهرية الدقيقة أن تصل إلى الحويصلات الهوائية والأسوأ من ذلك هذه الجزيئات الكيميائية السامة قد تحتوي على جزء عضوي يشكل ما يقارب 70% من الهباء الجوي. دراسة توصيف التركيب الكيميائي للهباء أجريت على ستة أحجام من الجسيمات التي أظهرت أن معظم الملوثات سامة مثل الهيد رو كربونات العطري ومتعدد الحلقات وبشكل أكثر تحديدا بنزو (أ) بيرين، تم تصنيفها كن قبل مركز السرطان الدولي على أنها مسرطنة للغاية وهي موجودة أساسا في الجسيمات بحد ذاتها(2). كما أن المصدر الرئيسي للسرطان حسب الهيئة العالمية يعود إلى حركة السيارات وانبعاثات المركبات التي تعمل بالديزل.
وكجزء من النشاط البحثي الذي لدينا، قمنا بتطوري أداة تسمح بتحديد الجزيئات المسببة للسرطان(3) هذا من خلال قياس نسبة بنزو (أ) بيرين النسبي والمسرطن. علاوة على ذلك، الانبعاثات الطبيعية موجودة على نطاق عالمي متكونة من جزيئات الغبار والتي من شأنها أن تسبب مخاطر صحية إذا كانت تحمل معها الملوثات السامة. ومن خلال الدراسة الأولية التي أجريناها في الجزائر تبين أن غبار الصحراء يحتوي على تركيزات منخفضة جدا من المواد المضرة بالصحة(4).
على المستوى الإقليمي، وبلدان جنوب أسيا وغرب المحيط الهادي هذه المناطق شهدت اقل حمولة مرتبطة بتلوث الهواء في عام 2012 مع مجموعة 3.3 مليون حالة وفاة مبكرة بسبب تلوث الهواء في الأماكن المغلقة و2.6 مليون حالة وفاة سابقة لأنها تتعلق بتلوث في الهواء الخارجي.
وفي هذا السياق، وضع فريق الأستاذ ليليفرد جوس مدير معهد ماكس بلاك للكيمياء، ألمانيا، ومركز بحوث الطاقة البيئية والمياه بقبرص نموذجا لمراقبة والتوزيع العالمي لنمو الوفيات المبكرة والمرتبطة أساسا بتلوث الهواء(5). حيث تعتمد على دراسة معدل الوفاة المبكرة في عام 2005 على تلوث الهواء الناجم عن الأوزون كما تشير التقديرات إلى ان 69% من سكان العالم عرضة لمتوسط التركيز السنوي PM2.5أكبر من 10 ميكروغرام لكل مكعب من الهواء المتنفس (الحد من قيمة منظمة الصحة العالمية)، في حين لم يتم ادراج غبار الصحراء الطبيعي فيها. وتشير نتائج هذه الدراسة أيضا إلى أن 2.5 PM ومن الأوزون هي التي تسبب ارتفاع معدل الوفيات في المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان كأسيا مع ارتفاع قوي في الصين والهند. كما أن معدل الوفيات المبكرة أعلى في المناطق الحضرية مثل منطقة نهر اللؤلؤ ودلهي وكولكاتا وجاكرتا وشنغهاي وداكا وبكين ومومباي ومنطقة سيشوان، طوكيو وسول إضافة إلى مناطق أخرى في جنوب وشرق اسيا على غرار الصين والهند والولايات المتحدة الأمريكية واليابان، بنغلاديش بينما نسبة الوفيات التي تصيب الأفراد فهي مرتفعة في الجزائر وكاكاو وتايوان (5).
وبسبب عدم وجود شبكة للرصد في معظم البلدان الافريقية حيث الانبعاثات تلوث الهواء ولا تخضع لأية رقابة (المرور-الصناعات والاحتراق) أو التنظيم بالإضافة إلى ذلك، استراتيجيات طاقة المستقبل في بلدانهم ليست واضحة ولا تشمل حياة الانسان كمركز للأى خطة لتنمية القارة الافريقية بكونها المنطقة الأكثر سخونة من قبل العلماء. ووفقا للتقديرات المختلفة التي قدمتها المختبرات الأوروبية والأمريكية(6)، فإن الانبعاثات الغازات في الغلاف الجوي والمنتجات الغير قابلة للاحتراق كالوقود الأحفوري والوقود الحيوي في الجسيمات يمكنها أن تزداد وبشكل كبير في المستقبل القريب بسبب التوسع العمراني. حسب هذه التقديرات على البلدان الافريقية القضاء على التحديات الرئيسية مثل الفقر والقضاء على الأوبئة (مرض ايبولا)، الصحة وفرص الحصول على التعليم والمياه والطاقة لكن يجب أن تكون ضمن سياق التنمية المستدامة. كما أنها بحاجة إلى الدعم الدولي من خلال تطوير الاستراتيجيات وأليات المناسبة لدعم وتطوير التكنولوجيا والابتكار ونقل التكنولوجيا ونشرها وبناء القدرات البشرية.
إن التوقعات المستقبلية في بعض المناطق (أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية) حول قضية الانبعاثات صارمة جدا (خصوصا في افريقيا وأسيا) وحول مخاطر تزايد الوفيات المبكرة والمرتبطة أساسا بتلوث الهواء. لذلك تم وضع استراتيجيات وإجراءات ملموسة ومنسقة للحد من الانبعاثات مثل استخدام الطاقات المتجددة وفعالية اقتصاد الطاقة، تغيير سلوك الناس عن طريق غرس ثقافة الاستهلاك المعتدل والصناعة الصديقة للبيئة، والزراعة المستدامة، وتعزيز مفهوم المدن الذكية للحفاظ على نوعية الهواء الذي نتنفسه وهذا بالنسبة لنا وللأجيال القادمة. كل هذه التدابير لها بعض المنافع المشتركة سراء من حيث الحفاظ على الحياة البشرية، حناية البيئة ومكافحة تغير المناخ باعتبارها كخطة للتوفير في الانفاق على الصحة وكذا مكافحة نفايات الموارد.
Références
[1] http://www.who.int/mediacentre/news...
[2] R. Ladji, N. Yassaa, C. Balducci, A. Cecinato, Particle size distribution of n-alkanes and poycyclic aromatic hydrocarbons (PAHs) in urban and industrial aerosols of Algiers, Algeria, Atmospheric Pollution and Research 21, 2014, 1819-1832.
[3] N. Yassaa, B.Y. Meklati and A. Cecinato, "Particulate n-alkanes, n-alkanoic acids and polycyclic aromatic hydrocarbons in the atmosphere of Algiers City Area", Atmospheric Environment 35, 2001, 1843-1851.
[4] R. Ladji, N. Yassaa, C. Balducci, A. Cecinato, “Organic components of Algerian desert dust”, Chemosphere 81, , 2010, 925-931.
[5] J. Lelieveld, C. Barlas, D. Giannadaki, and A. Pozzer, “Model calculated global, regional and megacity premature mortality due to air pollution”, Atmospheric Chemistry and Physics 13, 7023–7037, 2013.
[6] C. Liousse, E Assamoi, P Criqui, C. Granier and R. Rosset, “Explosive growth in African combustion emissions from 2005 to 2030”, Environmental Research Letter. 9 (2014) 035003.
في نفس القسم